للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالاحتكار، فالأولان يقومان على المكايسة، وهذا النوع الأخير من التعامل يقوم على الفرض والقسر والإكراه والغصب.

وعلّة تحريم الاحتكار إلحاق الضرر بالناس من فساد الأسواق، ومنع الطعام من الرواج بها، وبطلان معاش الرعايا، وغلاء الأسعار، والزيادة في المكوس والضرائب، وانتشار الفقر والجوع، وقيام شركات الاحتكار، وإلغاء التعامل الحرّ.

وقد واجهت الشريعة هذا التصرّف المقيت بإجراءات وقائية كمنع تلقي الركبان وبيع الحاضر للبادي. وهدفها من ذلك قطع السبل على المحتكرين. وأخرى بطرق علاجية كالسيطرة على المال المحتكر، وتعزير المحتكرين، وجبرهم على البيع، وتسعير البضائع عليهم، ومنافستهم في البيع.

ومن قواعد الشريعة الإسلامية أنه "لا يحتكر إلا خاطئ" (١) أي آثم. وأن "الجالب مرزوق والمحتكر ملعون" (٢). وتمتد الحرمة الشديدة إلى محتكري البضاعة الضرورية. وهذا ما حمل فقهاء الملة على مقاومة الاحتكار، وجَعَلهم يحاربونه ولا يسمحون بوجوده، معلنين أنّه من الضروري والواجب إبطاله في الطعام. وصدع عمر بن الخطاب بأن لا حكرة في أسواقنا. وقال مقاوماً لهذه الظاهرة، متعقباً من يعتمدها في تجارته: "لا يعمد رجال في أيديهم فضول من أذهاب إلى رزق من رزق الله نزل بساحتنا فيحتكرونه علينا،


(١) مَ: ٢/ ١١٦٥.
(٢) الحديث مروي من طريق علي بن سالم بن ثوبان. قال البخاري: لا يتابع حديثه. وأنكر المنذري علي بن سالم هذا وعده في المجهولين. جَه. السنن: ٢/ ٧٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>