للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى مخالفة هذه القاعدة في الهبة والعارية والقرض والكفالة والرهن. وقالوا: إن العقود تتم بإرادة واحدة، وقيل: تتم بإرادتين على تفصيل في ذلك (١).

والأصل في العقود المالية اللزوم دون التخيير إلا بشرط. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} (٢) كما استدل لذلك القرافي في الفرق ١٩٦.

أما العقود التي جعلها فقهاؤنا غير لازمة بمجرد العقد بل حتى يقع الشروع في العمل؛ فهي - كما قدمنا - الجعل والقراض باتفاق، والمغارسة والمزارعة على خلاف. وقد نظر فيها إلى عذر العامل لأنه قد يخفّ إلى العقد لرغبة في العوض ثم يتبيّن له أنه لا يستطيع الوفاء بعمله. ومصلحة العقد بالأصالة في لزومه، وتأخّر اللزوم في هذه لمانع عارض خلافاً لظاهر كلام القرافي (٣).

وتقدم القول في المغارسة والسَّلَم والمزارعة والقراض. وعدّها بعض علمائنا رخصاً، باعتبار أنها مستثناة من قاعدة الغرر، وإن لم يكن فيها تغيير حكم من صعوبة إلى سهولة لعذر. واعتبروا في إطلاق اسم الرخصة عليها أن تغيير الحكم أعم من تغييره بعد ثبوته، أو تغيير ما لو ثبت لكان مخالفاً للحكم المشروع (٤).

ومن العقود ذات المقاصد المعتبرة المعاملاتُ المنعقدة على الأبدان. وهي إجارة الأبدان والمساقاة والمغارسة والقراض والجعل والمزارعة. وفي المغارسة لا بد من إحضار متمول قليل من طرف


(١) د/ محمد زكي عبد البر. التصرّفات المالية: ٧٨ - ٨١.
(٢) سورة المائدة، الآية: ١.
(٣) القرافي. الفروق: الفرق ٢٠٩؛ المقاصد: ٤٧١ - ٤٧٢.
(٤) المقاصد: ٤٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>