للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورغبة صادقة ... والتصور الإسلامي للوقف ينطلق من التصور الإسلامي للملكية وللوظيفة الاجتماعية للمال (١).

وقال القاضي شُريحُ بنُ الحارث الكندي، قاضي الكوفة بتعيين عمر بن الخطاب له، بحظر التحبيس. ولما بلغت مقالته سمعَ الإمام مالك، قال: رحم الله شُريحاً تكلم ببلاده، ولم يَرِد المدينة، فيرى آثار الأكابر من أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتابعين بعدهم، وما حبّسوا من أموالهم. وهذه صدقات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع حوائط. وينبغي للمرء ألّا يتكلّم إلا فيما أحاط به خبراً (٢). والحبس أو الوقف تبرع. وهو الصدقة الجارية.

وشرط التبرّعات أن تكون عن طيب نفس، وتكون مهلة لزوم عقد التبرع عقب العزم عليه وإنشائه أوسعَ من مهلة انعقاد عقود المعاوضة ولزومها. وفي تلك المهلة يتم التحويز والإشهاد. فلا يعتبرُ عقد التبرّع إلا بعد التحويز. وحدوث مرض الموت قبل تحويز العطيّة مفيت لها. والإشهاد بالعطيّة قائم مقام الحوز في الانعقاد. يدل على ذلك حديث النعمان بن بشير (٣).

ويهرع المتبرّع إلى الإشهاد إن تأخّر الحوز. وهذا كاف في تحقّق التبرّع عند المالكية. وقال الشافعي وأبو حنيفة: الحوز شرط صحة لانعقاد التبرّع فلا يلزم الوفاء بالتبرع إذا لم يحصل الحوز. وقالت الحنفية بجواز الرجوع في الهبة في سبع صور هي: الزيادة المتصلة بنفس الموهوب إذا كانت سبباً في رفع قيمته، وموت أحد المتعاقدين، وقبول الواهب عنها عوضاً ولو من أجنبي، وخروج


(١) د. محمد عبيد الكبيسي. أحكام الوقف في الشريعة الإسلامية: ١/ ١٣٤ - ١٣٥.
(٢) المقاصد: ٥٠٦.
(٣) المقاهد: ١١٧ - ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>