للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المالي، ضمن دائرة النهي، أي في عموم النهي قال بحظر التعامل به لحرمته. فنهيُ الشارع عنه موجِبٌ لحُرمَته، فينبغي تركه والخروج عنه وهو معدود في العقود المحرّمة.

والمقصد الشرعي من تحريم الربا وحكمتُه منع الظلم، والحثُّ على العمل ليكون سبيلاً للتكسّب وتدريباً للنفوس على البرّ والمعروف والصدقة والقرض الحسن والتعاون على الخير. ويؤكد هذه المعاني قوله - عز وجل -: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} (١).

وذهب ابن القيم إلى أن تحريم هذا النوع من الربا دفعٌ لما يربو على المحتاج من غير نفع يحصل له، ويزيد مال المرابي من غير نفع يحصل منه لأخيه، فيأكل مال أخيه بالباطل، ويحصل أخوه على غاية الضرر. وقد قابل الله - عز وجل -، كما في الآية الأولى، بين حِلِّ البيع وحرمة الربا فتوعد طائفة ووعد أخرى قائلاً: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (٢). ومن وعده سبحانه للمنفقين في سبيل الله: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (٣).

وقد حدَث في عصرنا كثير من التصرّفات المالية استوجبت النظر والتعليل وبيان حكم الشارع فيها. وهذه كثيرة كتلك التي تقوم بها البنوك التجارية مثل الفائدة والودائع والقروض وفتح الاعتماد


(١) سورة الروم، الآية: ٣٩.
(٢) سورة آل عمران، الآية: ١٣٠ - ١٣١.
(٣) سورة آل عمران، الآية: ١٣٣، ١٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>