للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي صاحب حديث لا فقه معه، ولا صاحب فقه لا حديث معه، مؤذناً بالحاجة الأكيدة إلى جمع كل هذه المعارف والفنون: الفقه وأدلته، والأحكام ومراتبها جمعاً يثبت لديه ما ينشأ له بذلك من ملكة يتفوق بها على غيره من الفقهاء. ويقابل ما ذكرناه من آراء في اشتراط العلم للقاضي، تصحيحاً لولايته، وتمكيناً له من الوفاء بواجبه عند فصل النزاعات قولُ قاضي مصر نفيس الدين بن شكر: إنه يجوز تولية المتأهّل لمعرفة استخراج المسائل من مواضعها. حكى ذلك ابن راشد القفصي عنه في كتابه الفائق، مؤيداً هذا بقوله: لا يلزم المجتهد أن يكون حافظاً لآيات الأحكام.

وهاتان في واقع الأمر قضيتان:

قضية حفظ المجتهد لآيات الأحكام. قال الشيخ - رحمه الله - مثنيّاً على كلام صاحب الفائق: وكلام ابن راشد هو الصواب، لأن المجتهد غير مطلوب بفصل القضاء بين الناس. فإذا ولي المجتهد القضاء كان الشرط فيه أضيق من شروط مطلقِ مجتهد.

وفي قضية تولية المتأهّل لمعرفة استخراج المسائل من مواقعها للقضاء، لم يُسَلِّم ابن راشد بمقالة ابن شكر القاضي تسليماً مطلقاً بل رفض موافقته على ذلك بقوله: وفي هذا من التضييق على الخصوم، لأنه يطيل عليهم فصل نوازلهم حتى يفهمها. وفيه وسيلة إلى تولية الجهال. اهـ (١).

[عزل القاضي]

العزل التنحية، أو إنهاء الولاية. ومحلهما أن تكون الولاية في


(١) المقاصد: ٥٢٤، ٥٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>