للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعلم والسلامة من نفوذ الغير عليه في قضائه، والعدالة.

وإذا كانت الحقوق في هذا العالم معرضة للاغتصاب بدافع الغضب أو الشهوة أو معرضة لسوء الفهم وللجهل والتناسي، فإن في إقامة ولاة لأمور الأمة، وإقامة سلطة تعينهم على التنفيذ ما يكون به نشر العدل وحفظ الحقوق. ورجح العلماء، نفياً للحرج واطمئناناً للمتقاضين، أن يتولى القاضي التصريح بمستنده في الحكم.

واختلفوا فيمن يولَّى هذا المنصب الجليل. قال ابن القاسم: لا يستقضى من ليس بفقيه. وقال أصبغ وأشهب ومطرف وابن الماجشون: لا يصلح كون القاضي صاحب حديث لا فقه معه ولا صاحب فقه لا حديث معه. وقال ابن عبد البر: لا يولّى القضاء إلا من كان موثوقاً في دينه وعلمه وفهمه. فالقضاء أمانة، ومن شرطه القدرة على فهم مدركات المسائل وعللها.

وإلى جانب هذا قواعد وآداب أخرى كثيرة تلزم القاضي والشهود وغيرَهم. فمن ذلك أنه ليس من طريق لحمل طبقات الأمة على الاقتناع بأحكام القاضي غير الأخذ بالأصلح من مجموع أقوال العلماء. وأن في تطوير الإجراءات في مجال القضاء بحسب ما تدعو إليه الحاجة ما حمل الفقهاء على إضافة جملة من الضوابط والشروط في أحكام المرافعات ما كان السلف يرعونها.

وعلى القضاة أن يسعوا إلى فصل القضايا في آجال محدودة نسبياً. فالإبطاء بإيصال الحق إلى صاحبه عند تعيينه يثير مفاسد كثيرة، كما أن الإسراع بالفصل بين الخصمين وحده ليس محموداً إذا لم يكن الفصل قاطعاً يمنع أن تعود المنازعة.

والمنوط بهم تنفيذ أحكام الشريعة، في خصوص إيصال

<<  <  ج: ص:  >  >>