للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقبل فقال: ما عنّفني أحد منذ فارقت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال: إن منزلي متراخٍ، فلو صليت وتركت الفرس لم آت أهلي إلى الليل. وذكر أنه صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى من تيسيره" (١). فمشاهدته أفعال رسول الله - عليه السلام - المتعددة استخلص منها أن من مقاصد الشرع التيسير. فرأى أن قطع الصلاة من أجل إدراك فرسه ثم العود إلى استئناف صلاته أولى من استمراره على صلاته مع تجشّم مشقة الرجوع إلى أهله راجلاً. فهذا المقصد بالنسبة إلى أبي برزة مظنون ظناً قريباً من القطع، ولكنه بالنسبة إلى غيره - الذين يَرْوي إليهم خبرهُ - مقصد محتمل، لأنه يُتلقّى منه على وجه التقليد وحسن الظن به.

ولقد جاء الشاطبي في آخر كتاب المقاصد من تأليفه الموافقات بكلام أرى من المهم إثبات خلاصته باختصار (٢) قال: "بماذا يعرف ما هو مقصود للشارع مما ليس مقصوداً له؟ والجواب: أن النظر بحسب التقسيم العقلي ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يقال: إن مقصد الشارع غائب عنا حتى يأتينا النص الذي يُعَرِّفُنا به. وحاصل هذا الوجه الحمل على الظاهر مطلقاً. وهو رأي الظاهرية الذين يحصرون مظان العلم بمقاصد الشارع في الظواهر والنصوص.


(١) انظر ٣١ كتاب العمل في الصلاة، ١١ باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة. ح ١. خَ: ٢/ ٦١ - ٦٢.
(٢) انظر ص ٢٤٧ - [٢٥١] ج ٢ من الموافقات، طبع بتونس. اهـ. تع ابن عاشور فصل بيان الجهات التي تعرف بها مقاصد الشارع على الحد الأوسط. الشاطبي. (٢) ٢/ ٢٧٣ - ٢٧٩ = (٣) ٢/ ٣٩١ - ٣٩٧ = (٤) ٣/ ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>