للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم تسمح قريحة بمقاله، بيد أنه لم يسبق إلى التأليف في غرضه أحد من علماء الإسلام، ولا استودعت لطائف مقاصده بشيء من صحائف الأعلام. فكل من تصفّحه بعين الإنصاف، لا يشك في أنه ينبوع نصح صافٍ، نبع للأمة الإسلامية عند اشتداد ظمئها لمثله ... فهو كطبيب عارف بأمراض الدول، خبير بجبر ما يعرض لها من التوهين والخلل. ومن فوائده التي بمثلها يُتفاخر، تعريف كل منا والأجنبي بحال الآخر، إذ لولا المعرفة بحاله، ما أمكن الاستعداد لنزاله" (١).

وبحكم مسايرته لأفكار خير الدين واتجاهاته، واقتناعه بدعوته وآرائه، نجده يقول في تقريظ أول له:

نجز الكتاب بحمد مولىً فضلُه ... عمّ الورى، وحمى حماهم عدلُه

وافى بأسباب التمدن مغرياً ... ومحذّراً مما يورّط جهلُه

لا يستميل سوى السدادِ وفرعَه ... وعلى الشريعة قد تأسّس أصلُه

هو نعمة للمهتدين، ونقمة للـ ... ـمعتدين، وإن حواهم طولُه

فهو الكفيل بشرح حال سياسة الـ ... إسلام فيها، لم يؤلف مثلُه

١٢٨٤/ ١٨٦٧ (٢)

ويؤكد في أخرى هذه المعاني، ويدعم تلك المواقف بقوله منوّهاً ومؤرّخاً الحدث الكبير صدورَ أقوم المسالك:

فلذا تَبْلُغُ تقريظا ... تُه قَدْرَ مُجلَّدْ

وعلى الإجمال فهو ... ذو مزايا لو تُعَدَّدْ

لم يكن إلا على ذي الخَصلة الخنصرُ يُعقدْ


(١) المنصف الشنوفي. نشر وتحقيق أقوم المسالك: ٢/ ٨٧٥.
(٢) المرجع السابق: ٢/ ٨٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>