للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط هو منبع الكمالات. وقد قال الله تعالى في وصف هذه الأمة أو وصف صدرها: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} (١). روى أبو سعيد الخدري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في معنى الآية أن الوسط هو العدل أي بين طرفي الإفراط والتفريط (٢)، وبذلك جزم المحقّقون في تفسير هذه الآية (٣). وبه فسر أيضاً قوله تعالى: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} (٤) أي أعلمهم وأعدلهم. وقد شاع هذا المعنى في الوسط (٥).

وقال مطرف بن عبد الله بن الشخير التابعي: "خير الأمور أوساطها". وبعضهم يرويه حديثاً، وهو مشهور على الألسنة ولكنه ضعيف الإسناد (٦).

فالسماحة السهولة المحمودة فيما يظنّ الناس التشديد فيه. ومعنى كونها محمودة أنها لا تفضي إلى ضر أو فساد. وفي الحديث الصحيح عن جابر بن عبد الله: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذ اقتضى" (٧). وقريب منه


(١) البقرة: ١٤٣.
(٢) حديث أبي سعيد الخدري. انظر ٤٨ كتاب تفسير القرآن، ٣ باب ومن البقرة، ح ٢٩٦١. تَ: ٥/ ٢٠٧.
(٣) راجع كلام المؤلف في تفسير الآية التحرير والتنوير: ٢/ ١٧، ١٨.
(٤) القلم: ٢٨.
(٥) [حتى قال أبو تمام:
كانت هى الوسط المحمية فاكتنفت ... بها الحوادث حتى أصبحت طرفا]
ما أوردناه هنا مثبت ص ٦١ - ٦٢. ط (١) الاستقامة. لكن المؤلف اختصره وضرب عليه في نسخته المصححة.
(٦) السخاوي. المقاصد: ٢٠٥، ع ٤٥٥.
(٧) يشير إلى حديث جابر ونصه: "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى" هكذا بدون تكرار الوصف. انظر ٣٤ كتاب البيوع، ١٦ =

<<  <  ج: ص:  >  >>