للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغلبه النوم كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إحدى الغزوات في قضية بلال حين غلبته عيناه، كما في حديث الموطأ (١).

ومثل التحيل باللفظ الموجه يصدرُ ممن أكره بتهديد بالقتل على أن يقول كفراً أو حراماً مع أن الإكراه يُحلُّ له القول. قال الله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (٢). كما يُحكى أن بعض أهل السنة كان في مجلس من غلاة الشيعة، فسئل فيه عن أفضل الناس بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: الذي كانت ابنتُه تحتَه، أراد أبا بكر، وظنوا أنه يريد علياً على احتمالي معاد الضمير المضاف إليه "ابنةُ" والضمير المضاف إليه "تحتَ".

ومثل اللفظ الخفي الدلالة على العامة يصدر ممن يُخاف فِتنَتَهم، كقول أبي عبد الله البخاري لما امتحن بالسؤال عن كون القرآن مخلوقاً: أقوالنا من أفعالنا وأفعالنا محدثة. ولا يدخل في التحيّل المبوب له التحيّل على الناس في المعاملات بإيقاعهم في لوازم شرعية يجهلونها. وهو المسمى بالتغرير، مثل ادّعاء المُصالح أنه إنما يُصالح ليحصُل على إقرار خصمه له.

فالمراد بالتحيّل إذا أطلق في اصطلاح أهل الشريعة هو الذي صدَّرتُ بتعريفه. ولذلك عرفه أبو إسحاق الشاطبي في المسألة


(١) الحديث طويل انظر ١ كتاب وقوت الصلاة، ٦ باب النوم عن الصلاة، ٢٥، ٢٦. طَ: ١/ ١٣ - ١٥. والحديث مرسل. وله روايتان الأولى عن سعيد بن المسيب، والثانية عن زيد بن أسلم. وصل أولاهما مسلم عن أبي هريرة، ٥ كتاب المساجد ومواضع الصلاة، ٥٥ باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، ح ٣٠٩. مَ: ١/ ٤٧١.
(٢) النحل: ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>