للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحق، ويترتب على ذلك غُرْم ما أتلفه. وفيه تفاصيل طويلة) (١).

ومن حرية الأعمال المتعلقة بأعمال الغير ما يلزم المرء نفسه بموجب حرية تصرّفه من العقود والالتزامات لمصلحة يراها. فإن إلزامه نفسَهُ بها أثرٌ من آثار حرية العمل أوجب به حقاً لغيره عليه على التفصيل في العقود التي تجب بمجرد التعاقد القولي والتي لا تجب إلَّا بالشروع في العمل.

ثم إن للشريعة حقوقاً على أتباعها تُقيَّد حريةُ تصرّفاتِهم بقدرها، وذلك في صلاحهم في الحال أو في المستقبل. مثل إلزامهم بإقامة المصالح العامة كفروض الكفايات، أو بإقامة مصالح مَن جعلت الشريعة مصالحَهم موكولةً إلى شخص معين كنفقة القرابة. ومتى تجاوز المرء حدود حريته في هذا النوع أوقف عند الحد الشرعي بالغرم مثل ضمان التفريط، أو العقوبة بدون قبول توبة كالحرابة، أو بعد الاستتابة كالردة، وأمثلة ذلك لا تعوزك.

واعلم أن الاعتداء على الحرية نوع من أنواع الظلم. ولذلك لزم أن يكون تمحيص مقدار ما يخول للمرء من الحرية في نظر الشارع موكولاً إلى ولاة الأمور المنصوبين لفصل القضاء بين الناس. فلذلك كان انتصاف المعتدى عليه لنفسه بنفسه ظلماً يستحق التعزير. قال الله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا} (٢). ولذلك سمّى عمرُ رضي الله عنه بعض هذا الانتصاف استعبادًا في قضية ابن عمرو بن العاص مع الذي وطئ ثوبه


(١) التغيير في هذه الجملة من عمل المؤلف في نسخته المصحّحة من ط. (١) حذف الجملة المثبتة أولاً وهي قوله: من يمارس عمله إلى: العقوبة. ط. الاستقامة: ١٤٤ - ١٤٥. ويتلوها قوله: ومن حرية الأعمال كما هو هنا.
(٢) الإسراء: ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>