للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والفهم والفطنة والملكة الواسعة الأفق، وعلى استعماله وسائل البحث وآلات النظر، للخلوص في ذلك كله إلى ما يمكن الاعتداد به. فلم يكن يصدر إلا عن رأي صائب وحجة قاطعة وقول فصل.

وإنك بتتبعك لآثاره ووقوفك على تعاليقه وتحقيقاته، مُلْفٍ بما ذكرناه وما لم نذكره، عالِماً لغوياً، ونحوياً بارعاً، وناقداً بصيراً، وبحراً من الأدب، ذا مكنة في أسرار العربية، وجودةٍ في إبراز مقاصد الشريعة. فلا تكاد تجد له نظيراً بين علماء عصره، أو منافساً له فيما خصّه الله به إلا أن يكون هذا النظير والمناسب ممّن تخرّج على طريقته ونبغ نبوغه، وقليل ما هم.

وإن ما احتوت عليه هذه المقدمة من التعريف بصاحب مقاصد الشريعة الإسلامية لقليل جداً إزاء ما يتأكد العلم به. فهي لم تحقق إلا جزءاً من غرضنا، وهو تصوير شخصية العالِم والمفكر مترجمنا، وتقديمٌ موجزٌ عن كتبه وآثاره المطبوعة منها خاصة. وإن الواقف عليها لمكتفٍ بها على الجملة، لما تثيره في نفسه من أذواق وأشواق. وإن كانت لا تغني من لم يعلق شيئاً من ذلك قبل. ولذلك دعت الحاجة إلى إشارات وتنبيهات قدمنا بها شخصية المؤلف، مع ما لابسها من ظروف في حياته، أو مر بها من متغيرات سياسية، وتقلبات فكرية واجتماعية واقتصادية، كان لها جميعها أثر أي أثر في عصره. وأصبح من الضروري لإدراك كنه ذلك، وما ترتب عليه أن نقف قليلاً عند عينات مما حرّره وحبّره، أو درّسه وحقّقه. ومن ثم بات لزاماً التعريف بإنتاجه ليعلم طلاب العلم أيَّ رجل فقدوا، وأيَّ عالم ما زالوا يستفيدون من علمه، ويطمئنون إلى تقريراته وأحكامه في مؤلفاته. فبذلك نكشف عن جوانب الإمتاع والإبداع فيها، وعن استدراكه على ما انتهى إليه المتقدمون من حقائق العلم وجواهره.

<<  <  ج: ص:  >  >>