للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآن مالُ وارث" (١). فعلمنا أن كثيراً من الناس يجعلون الوصية والتبرع وسيلةً إلى تغيير المواريث أو رزية لمال داين، ظنًّا أن ذلك يحللهم من إثمها لأنهم غيروا معروفاً بمعروف. فكان من سدّ هذه الذريعة لزوم كون صورة التبرع بعيدة عن هذا القصد. ولم يقع الاكتفاء بالإشهاد في دفع هذه التهمة لظهور أنه غير مقنع، لكثرة احتمال أن يتواطأ المتبرِّع والمتبرَّع عليه على الإشهاد مع إبقاء الشيء المعطى في تصرّف المتبرع لحرمان الوارث والدائن. فللحوز في هذا المقصد أثر غير أثره المذكور في المقصد الثاني. ومن هنا أيضاً يعلم أن المروي عن مالك وهو بطلان الحبس المجعول فيه التحبيس على البنين دون البنات لأنه من فعل الجاهليّة هو أرجح من حيث الأدلة، وإن كان المعمول به بين علماء المالكية مضيَّه بكراهة أو حرمة أخذاً برواية المغيرة عن مالك (٢).

ومن أجل هذا منع المريض مرضاً مخوفاً من التبرع ولم يمنع من المعاوضة بالبيع ونحوه؛ لأن في البيع أخذ عوض بخلاف التبرع، فالتهمة في تبرع المريض قائمة.


(١) تقدم: ٥٠٨/ ١.
(٢) يشير إلى هذا قول صاحب المقدمات: كره إخراج البنات من الحبس لأنه من أفعال الجاهلية. قال الله عز وجل: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} الأنعام: ١٣٩، ولما فيه أيضاً مما نهى عنه من تفضيل بعض الولد على بعض في العطية. ومن مذهب مالك أنهن يدخلن فيه، وإن نصَّ المحبِّس على إخراجهن منه ما لم يفت الأمر. ابن رشد: ٢/ ٤٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>