للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعين إقامة ولاة لأمورها، وإقامة قوة تُعين أولئك الولاة على تنفيذها. فكانت الحكومة والسلطان من لوازم الشريعة لئلا تكون في بعض الأوقات معطَّلةً. وقد أشار إلى هذا قوله تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} (١).

والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة، وأقوال رسول الله وتصرّفاته في ذلك بلغت التواتر. فقد تواتر بعثهُ الأمراء والقضاةَ للأقطار النائية. وتولّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحُكمَ بنفسه بين المسلمين في حاضرة الإِسلام المدينة. وما توجيهُ القرآن خطاباتٍ كثرةً بضمير الجماعة إلَّا مراد به خطابُ الأمة في أعمال يعلم أنها لا تتمّ وتحصل إلا بمباشرة من ينفذها، أي أن يتولى تنفيذها نفرٌ تقيمهم الأمة لتنفيذها في أشكال ومراتب مختلفة ومتفاوتة. وليس هذا الكتاب


= [حدّث به أيوب عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث. انظر ٣ كتاب العلم، ٢٥ باب تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد بني عبد القيس أن يحفظوا الإيمان والعلم ويخبروا به مَنْ وراءهم. ولفظه مختصر. خَ: ١/ ٣٠؛ ١٠ كتاب الأذان، ١٧ باب من قال ليؤذن في السفر مؤذن واحد. خَ: ١/ ١٥٤؛ ٩٥ كتاب أخبار الآحاد، ١ باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، ح ١. خَ: ٨/ ١٣٢ - ١٣٣.
وأخرجه مسلم. ولفظه قال: "أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن شَبَبَة متقاربون. فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رحيماً رفيقاً. فظن أنا قد اشتقنا أهلنا. فسألنا عمن تركنا من أهلنا فأخبرناه. فقال: ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم. فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم": ٥ كتاب المساجد ومواضع الصلاة، ٥٣ باب مَنْ أحقّ بالإمامة، ح ٢٩٢. مَ: ١/ ٤٦٥ - ٤٦٦. انظر ٣ كتاب الأذان، ٨ باب اجتزاء المرء بأذان غيره في الحضر، ح ٦٣٣. نَ: ٢/ ٢٠٩].
(١) الحديد: ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>