للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحاصل أنه يُفهم من مقصد الشريعة أن تكون الولايةُ في مَظِنة المصلحة، وأن لا يكون العزلُ إلا لمظنَّة المفسدة, لأن جميع تصرّفات الأمراء منوطة بالمصالح كما بينه القرافي في الفرق الثالث والعشرين والمائتين، وأن حفظ حرمة المناصب الشرعية وإعانة القائمين بها على المضي في سبيلهم غيرَ وجلين ولا مغضوضين لمن أكبر المصالح (١).

وشروط رجال شورى القضاء تقارب شروط القضاة إلا أن شرط العلم فيهم أقوى ويساوون في البقية.

وننقل كلامنا إلى ما كنا وَعَدنا به في آخر البحث، عن مقصد تعيين أنواع الحقوق لأصحابها، من أن بعض الحقوق قد يجعل لأمانة غير صاحبه.

فاعلم أن شأن الحق أن يكون تصريفه بيد صاحبه، وقد يتعذر ذلك كالنيابات في الولايات والوكالات، لتعذر مباشرة ولاة الأمور جميع ما لهم حقُّ مباشرته، إذ قد تكثر، وقد تبعد، وقد يعرض الاشتغال بالأهم عن المهم. وقد ورد في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "واغدُ يا أنيس على زوجة هذا فإن اعترفت فارجمها" (٢) *. وفي


= إبراهيم بن عبد الرفيع من سنة ٦٩٩ - ٧٣٣. تاريخ إفريقية في العهد الحفصي: ١١٦ - ١١٧.
والأصل المعتمد في حرمة المناصب الشرعية التقيّد بالمصلحة الشرعية فيما نبّه إليه القرافي في فروقه كما ذكر ذلك المؤلف.
(١) انظر الفرق بين قاعدة ما ينفذ من تصرّفات الولاة والقضاة وبين قاعدة ما لا ينفذ من ذلك وهو خمسة أقسام. القرافي: ٤/ ٣٩.
(٢) * هذا الحديث في الموطأ. وسيأتي ذكره في تعليقة في صفحة آتية. اهـ. تع ابن عاشور.
[تقدم ذكره وتخريجه: ١٠٣/ ٢، ٥٢٠/ ٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>