للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب في الدعوة إلى ذلك، وبيان أسبابه. ولم أنشب أن أزجيت بقلمي في ابتداء التحرير، فإذا هو يسابقني كأنه من مطايا أبي العلاء القائل:

ولو أن المطيّ لها عقول ... وجدّك لم نَشُدَّ لها رحالا

وصادفتُ أيام عطلة التدريس الصيفية في ذلك العام، فقضيت هواجرها الطويلة وبكرها الجميلة في هذا العمل" (١).

وعاد العلامة المصلح إلى كتابه، فأتمّه بعد ذلك في ثلاثة أصياف. وحالت دون تهذيبه وإصداره موانع جمة، لم تزل تطفو وتركد، وتغفو وتسهد، لكنه بحمد الله مضى فيما شرع فيه، وهو يقول:

"غير أني لم أدع فرصة إلا سعيت إلى إصلاح التعليم فيها، بما ينطبق على كثير مما تضمّنه هذا الكتاب. فاستتب العمل بكثير من ذلك وبقي كثير، بحسب ما سمحت به الظروف، وما تيسّر من مقاومة صانع منكر ومانع معروف" (٢).

[شروط القيام بالإصلاح]

دلَّت التجربة التي مرّ بها الشيخ ابن عاشور في عمله الإصلاحي، وأثبت أهميتها في خطبه الكثيرة، وبكتابه على وجه الخصوص، على وجوب تسلح المصلح، ومن يختار هذه المهمة الشاقة السامية في حياته، بأمرين اثنين:

أحدهما: أن يكون مؤهلاً للاضطلاع بالعمل الإصلاحي في ميدان التعليم. ومن أهم شروط هذا التأهل أن يكون ممّن أنشأه هذا


(١) محمد الطاهر ابن عاشور. أليس الصبح بقريب: ٥.
(٢) نفس المرجع.

<<  <  ج: ص:  >  >>