للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعليم نفسه، عارفاً بحاجات الزمان وغايات العلوم، نظّاراً إلى الروح لا إلى الجثمان، بعيداً عن متابعة السفاسف، خبيراً بما أصاب مزاج التعليم من العلل، وبأنواع أدويتها (١).

ثانيهما: أن يكون المصلح صادقاً مخلصاً صبوراً مثابراً على أداء واجبه، قادراً على إقناع من حوله من الناس بضرورة الإصلاح، فلا يتغافلون أو يتقاعسون، ولا يُعرضون أو يمتنعون بعد، بل يشدّون على يديه، ويبذلون الوسع في التعاون معه لتحقيق الغاية وبلوغ القصد.

ولعل من أهم الطرق إلى بلوغ ذلك اعتماد سياسة الترهيب والترغيب، بتوجيههم إلى ذكر ماضيهم والاعتبار بأحوال حاضرهم، والأوضاع السيئة والمزرية، القلقة والمضطربة، التي تنتابهم في مسيرتهم العلمية. كما ينبغي للمصلح القيام بتصوير منافع الإصلاح وغاياته، ومقاصده القريبة التي لا يصعب على المرء اكتسابها والبلوغ إليها، والبعيدة التي أساسها التغيير والتلقيح والتعصير، وهذه تحتاج إلى عطاء وبذل واستمرارية وتضافر جهود.

[التذكير بأمجاد الزيتونة]

الدعامة الأولى لهذه السياسة تملأ الناس إيماناً وثقة بالنفس وعزماً ورجاءً. وكيف لا يتمّ لهم ذلك إذا ذكروا ما قدمه أجدادهم من جهود، وبلغوه من رقي وتقدم، وسموْا به إلى الذروة بين غيرهم من الشعوب والأمم.

"فتونس كانت في كل عصر غرّة الدول المغربية والعواصم


(١) محمد الطاهر ابن عاشور. أليس الصبح بقريب: ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>