للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجامع الأعظم: "فعلينا أن يكون طلبة العلم بالمعهد الزيتوني علماء بالأصول الإسلامية، والمعاملات الفقهية التشريعية، والآداب الدينية والأخلاق القويمة، وعلوم آداب اللغة العربية، وما يتحصّل بذلك من تاريخ الأمة وتاريخ أحوال وضعيتها من الأمم المعاصرة لها في سائر عصورها، وتاريخ رجالها وسيرهم" (١).

ولم يخلُ هذا المعهد في أي العصور من علوم تكمل مدارك خريجيه تكميلاً يؤهلهم لمسايرة أحوال مجتمعاتهم. ونحن اليوم في عصر صار فيه المجتمع الإنساني بمنزلة مجتمع القطر الخاص. وامتزجت حاجات الأمم ومصالحها به بعضها ببعض. فأصبح تقارب الثقافة بينهم ضربة لازب، وصار ما كان يعد تكملة موضوعاً الآن في عداد الواجب. فلذلك كله لم يَغْنَ التلميذ الزيتوني عن أن يضرب مع أمم عصره بسهم صائب. وذلك يلزمه لا محالة إلى أن يصعد في جو الثقافة الزمنية إلى مرتقى لا يقعد به عن مجاراة أرقى الأمم إحاطة بدلائل الحياة السعيدة، ولم يغن عن الأخذ بالنصيب الكامل مما يتناوله أمثاله من علوم التبصر، فلا يعدم بصارة بأحوال العالم، تبَصُّرَ خريجي المعاهد الراقية. وبرامج ذلك توضع على وفق المناسبة للمراتب التي يختار التلميذ الانتهاء إليها، على وجه تحصل به التكملة ولا يضاع معه الأصل" (٢).

ومن هنا نصل إلى غاية الغايات من التعليم الإسلامي، وأسنى مقاصده. وذلك هو إنتاج قادة للأمة في دينها ودنياها، وهداةٍ هم


(١) محمد الطاهر ابن عاشور. أليس الصبح بقريب: ١٢.
(٢) محمد الطاهر ابن عاشور. خطاب شيخ الجامع الأعظم، المجلة الزيتونية عدد ممتاز. المجلد السادس، الجزء ٢ و٣/ ٣٦٣ - ٣٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>