للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلسفة الأجرام في باب التشبيه، ويَرِدُ ذكر الحواس الباطنة في الفصل والوصل من علم البلاغة، ويختلط التصوّف بالفقه، وعلم الكلام بمبادي النحو عند تعريف لفظ الكلام، فيتناول القولُ بالمناسبة مبحثَ دلالة الكلام أهي وضعية أم عقلية (١). وتداخل العلوم هكذا، أوجب ربط بعضها ببعض ضيقاً في تلك المؤلّفات، وكثرةَ الخلاف في مسائلها، كما أورث بالانتقال من مادة إلى أخرى في نفس الدرسِ والحصة، وما يستوجبه هذا من تقديم وتذييل، شرودَ عقل التلميذ، وعدمَ فَهمه، وعجزَه عن مسايرة الشيوخ في تقريراتهم، والإفادة من جهودهم وتحريراتهم. ومما يلاحظ فيما ذكرنا أن من الخلط المشار إليه ما هو مادي علمي، ومنه ما هو منهجي تصوّري. وكلاهما يحتاج إلى تغيير وإصلاح في الكتب ومواد التدريس.

[من اختلاط المسائل]

عرّف النحاة اللفظ بأنه الصوت المشتمل على بعض الحروف الهجائية. وهذه العبارة واضحة الدلالة يفهمها التلميذ في يسر، ويسهل عليه حفظها، لكن الشارح أراد إبراز معارفه، ونسي أنه يتحدث في النحو مع تلامذة مبتدئين، فأتى بتعريف ثانٍ ليس هذا موضعه، ناقلاً عن المتكلمين قولهم: "اللفظ حركة في اللسان يخلقها الله عند حاجة المتكلم"، ويتبعه المحشِّي مؤكداً للتعريف الثاني الكلامي بقوله: "إن الشارح لم تزلّ به قدمه بل جرى على أصول الأشعري في الكسب". ويعقب الشيخ ابن عاشور على هذا كلِّه، مبدياً رأيه في هذا الصنيع قائلاً: "فجاءتك مسألة خلق الأفعال، والخلاف بين الأشعرية والمعتزلة والجبرية. كل هذا والتلميذ يَعُدّ


(١) محمد الطاهر ابن عاشور. أليس الصبح بقريب: ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>