للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتماداً يقضون به على العلم. وربما نزّلوا كلامهم منزلة ما لا يقبل الطعن، كأخذهم أجوبة صاحب الإبريز التي يرويها عن شيخه الصالح عبد العزيز الدباغ (١) فيعتقدون أنها تمام مراد الله أو رسوله من كلامه المفسر فيها (٢).

ومن فساد التصوّر أيضاً جعل العلم علمين: علم معرفة وخبرة ودراية، وعلم كشف. وقد يحمل على هذا الاعتقاد انتشار هذه الأفكار بين الناس واعتدادهم بها، في غفلة عن تعاطي الأسباب وتسلق المعرفة بالنظر وبذل الجهد. وإن من كبار العلماء من وقع في هذه الأوهام أو تسلطت عليه.

فهذا القطب الشيرازي ٧١٠ يقول في ديباجة شرحه للمفتاح: "إنه قد ألقي إليّ على سبيل الإنذار، من حضرة الملك الجبار، بلسان الإلهام، لا كوهم من الأوهام، حال نصب شبكة الغيبة، وهي حال بين النوم واليقظة، ما أورثني التجافي عن دار الغرور، والإنابة إلى دار السرور" (٣). وقال سعد الدين التفتازاني ٧٩٢ في شرح التلخيص عند حديثه عن الإعجاز وما يقرب منه، وتقريرِه ما عطف على حد الإعجاز: "ومما ألهمت بين النوم واليقظة" (٤).

ولقد كان من ضعاف المشتغلين بالعلم، غير المتمكنين منه من كان يعتقد أن الأمر المشكل إذا رُئي في النوم ما يبيّنه، فقد فسّر بوجه لا يقبل الخطأ. فهم يرون الأحلام كشفاً، ويثقون بأنفسهم وهم نائمون بما كانوا يشكّون فيه وهم أيقاظ (٥).


(١) عبد العزيز بن مسعود الدباغ: ١١٣٢.
(٢) محمد الطاهر ابن عاشور. أليس الصبح بقريب: ١٦٢.
(٣) المرجع السابق نفسه.
(٤) المرجع السابق نفسه.
(٥) المرجع السابق نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>