للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تسليم، ولكنه يكون بصرف نظر المتعلم إلى نتائج تلك العقول ودرسها، فيتّبعها أو ينبذها إلى أحسن منها أو أوضح. وبهذا يجري الطالب على نسق أسلافه بعد تكوّن ملكته، فيستدرك عليهم، وينمي ما وصلوا إليه بتأملاته وإضافاته.

[ملاحظات حول طلاب العلم]

طلاب العلم عندنا في تلك الفترة ليسوا على نمط واحد كما دلّت عليه التجربة وشهد به الواقع، ولكنهم أنماط وأصناف:

منهم من أخذوا علوماً ليسوا في حاجة إليها، تباهياً وتجملاً بها، وشاركوا في الانتساب إلى علوم عالية مقتصرين في الجملة على ألفاظ وحقائق يسردونها لا يفقهونها ولا ينتفعون بها.

وتميّزت طائفة ثانية بقوّة حوافظها. فكانت تعرض الكتب عن ظهر قلب من حفظها، فيعجب بها السامع، وينجذب المشاهد لما يكون منها أو يجده فيها. فيظن بها خيراً، ويعتقد أن ما هي عليه هو العلم، وإن كانت هذه الطائفة ساذجة ضعيفة الفكر.

وقد انقسم الناس إزاء هذه الطائفة الأخيرة وإزاء مناهج التعليم عندها. فمِنْ مقلد قادر على التقليد، وآخر بدت منه المحاولة، ولكن خار عزمه عن المتابعة، وضعفت قدرته عن المسايرة. وهؤلاء كلهم، وهم الكثرة، من المعجبين بتلك الطائفة، المباهين بقدرتها على الاستظهار والحفظ.

وتقابل هذه الجماعة فئةٌ أخرى كانت معارضة لهذا المنهج، غير قابلة له، تستنقص قيمة عمل المولعين بالحفظ، ولا تلتفت إليه. لكن هذه الفئة إما معارضة في نفسها تخونها العبارة، فلا تقدر على التعليق أو التغيير عما عليه تلك الطائفة من تقصير ومعايب، وإما قادرة

<<  <  ج: ص:  >  >>