للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترتيب الزمني للفنَّيْن، وتأصيل الأصول بعد ضبط أحكام الفروع.

ثانياً: اشتمال مادة علم الأصول، وهو علم آلات الاجتهاد، على كثير من المسائل الأجنبية عنه، من علوم المنطق والنحو والكلام وغيرها. فالغزالي أكثر في المستصفى من إيراد المسائل المنطقية، وتبعه في ذلك ابن الحاجب، فخصّ قسماً من مختصره الأصلي بمسائل هذا العلم. وذكروا في نفس كتب علم الأصول مسائل لا طائل من بحثها فيه، مثل معاني الحروف والاشتقاق والوضع والترادف والدلالات بأنواعها. ومثل تعبد النبي - صلى الله عليه وسلم - بشرع من قبله قبل نبوءته، ومسألة أقل الجمع، أو التكليف بالمحال وغيرها. وهذا ما تخلّص منه الإمام الشاطبي في موافقاته واعتبر الخوض فيه من العبث.

ثالثاً: إغفال المؤلِّفين فيه ذكر مسائل مهمّة، أبرزُها المقاصد الشرعية التي هي بحق منهج من مناهج الاجتهاد، وطريق من طرق ضبط الأحكام الشرعية في القضايا المستجدّة، مكتفين من ذلك بما أوردوه منها في مسالك العلّة، مثل مباحث المناسبة والإخالة والمصلحة المرسلة، حتى جاء الشاطبي ففتح الباب على مصراعيه، وجعل جزءاً كاملاً من كتابه قائماً على بحث هذا العلم وتتبع مسائله وقضاياه.

رابعاً: غلق باب الاجتهاد، وتحجير النظر في علم أصول الفقه، حتى كاد أن يَنْسَى الطلابُ مسائله وقضاياه، لولا تولّي الشيخ ابن عاشور الأول تدريس المحلّي على جمع الجوامع، والشيخ سالم بوحاجب تدريس العضد على مختصر ابن الحاجب. فبهذا انتعش علم أصول الفقه بجامع الزيتونة، وعاد الطلاب إلى الاعتناء به.

<<  <  ج: ص:  >  >>