للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدارك الخلاف في طرق متنه، معتمداً في ذلك على ما جاء في فتح الملك العلي نفسه، راجياً أن يكون من الرأيين المتقابلين ما يحمل على الالتزام بالنظرة الموضوعية، والانتهاء إلى القول الفصل في هذه القضية.

الطريق الأول: اعتقاد أبي الفيض أن كثرة الرواة عن أبي الصلت توجب تعديله. ويرى الإمام الأكبر عكس ذلك، لأن كثرة الرواة عن المطعون فيه ليست بالتي تفلته من سهام الطاعنين، خصوصاً وأهل الصحيح والحسن من المتحدّثين يمسكون عن المتكلم فيه ولا يروون حديثه. فكيف والذين رووا عن أبي الصلت كلهم متكلم فيهم.

الطريق الثاني: اعتبار شهرة أبي الصلت بالزهد والديانة شاهداً لتعديله. والحق أن هناك بوناً بعيداً بين العدالة والديانة، كما يدلُّ على ذلك تصرف الإمام مالك، وتشهد به مقالات أمثال يحيى بن سعيد القطان، وعبد الله بن المبارك. وإن الحديث ليحتاج إلى تقى وورع كما يحتاج إلى إتقان وفهم وعلم.

الطريق الثالث: إن كلام الحاكم ويحيى بن معين في أبي الصلت يتضارب مع أغلب ما حكاه النقاد عنه. وفي تهذيب التهذيب لابن حجر وغيره من كتب الرجال دليل على ذلك. وقد طعن في أبي الصلت أئمة الحديث نقلاً عن الإمام أحمد والدارقطني وابن عدي. والأخذ بالتجريح وتقديمُه على التعديل أحوط. وفي هذا الطريق ألمع الشيخ رحمه الله إلى ما وقع فيه أبو الفيض من لبس في رواية مقالة أبي سعيد الهروي، حيث نقل عن الدارقطني قوله: نعم، ابن الهيضم ثقة. فقال له دعلج: أنا سألتك عن عبد السلام. فقال: نعم ثقة. والرواية الصحيحة كما في تاريخ الخطيب: نعيم بن الهيضم ثقة. قال

<<  <  ج: ص:  >  >>