للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي بيان مرتبة هذا الحديث قال: هو غير معروف عن الحفاظ، لم يروِه أهل الصحيح ولا أصحاب السير المقبولة مثل ابن إسحاق والحلبي، ولا ذكره عياض في الشفاء لكونه غير مقبول عنده، ولا السيوطي في جمع الجوامع، ولا في كتاب الخصائص له. وبناء على ما تقدم يكون عبد الرزاق قد رواه عن الضعفاء في آخر عمره. أو كذبه عنه المتساهلون والضعفاء. وهذا هو حكم رواية البيهقي له أيضاً. فإنه كان متساهلاً في أحاديث دلائل النبوة وفضائل الأعمال. وإذا كان ابن سبع قد ذكره في شفاء الصدور. فإن كتابه هذا يشتمل على المقبول والمردود. وخلاصة القول فيه أنه مجهول السند: لا ندري من رواه عن عبد الرزاق، ولا من روى عنه عبد الرزاق فيما بينه وبين جابر. فهو لذلك غير صحيح ولا حسن لعدم معرفة رواية مصدره، وإنما هو متردد بين أن يكون ضعيفاً أو موضوعاً.

ولم يقف شيخنا رحمه الله عند هذا الحد من ضبط صحة الحديث، فذكر أحواله من حيث الرواية والسند، بل تجاوز ذلك إلى نقد متنه من جهتي اللفظ والمعنى. فهو يرى أنه من جهة النظم ضعيف لا يناسب أن يكون لفظ أفصح العرب محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقد نبّه ابن الصلاح في أصول علم الحديث على أن أحاديث طويلة وضعت، تدل على وضعها ركاكة ألفاظها ومعانيها. فقوله فيه: "فجعل ذلك النور يدور بالقدرة" حشو من الكلام، وقوله: "ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا .. ولا .. " تطويل ثقيل تنزَّه عنه البلاغة النبوية.

وأما من جهة المعنى فهو مردود من خمسة وجوه:

الأول: أن كل خبر أَوْهَمَ معنى باطلاً، ولم يقبل التأويل فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>