للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد منهما بالخيار على صاحبه، ما لم يتفرقا، إلا بيعَ الخيار". قال مالك: وليس لهذا عندنا حد محدود ولا أمر معمول به (١).

موقف معلن فيه عن رفض العمل بهذا الحديث المروي عن ابن عمر وابن حزام، من طرف الإمام مالك. لذا أعقبه رحمه الله بقوله في موطئه: ليس لهذا عندنا حد محدود ولا أمر معمول به. وقد سبق لنا الحديث عن هذه المسألة في بداية فصل احتياج الفقيه إلى معرفة المقاصد الشرعية (٢).

وأشار رحمه الله إلى وقوع الخلاف في هذه المسألة بين الفقهاء كما فصّل فيها القول ابن العربي في القبس (٣).

والمهمّ الذي نبّه إليه الشيخ رحمه الله في كتابه: أنه لم يجد فيمن عَمَد إلى تحرير المذهب من قام ببيان المراد من قول الإمام مالك: ليس لهذا عندنا حد محدود ... إلا كلمة لابن العربي، قال: هي إشارة إلى أن المجلس مجهول المدة، ولو شرط الخيار ومدة مجهولة لبطل إجماعاً. وكيف يثبت حكم بالشرع بما لا يجوز شرطاً في الشرع. وهذا شيء لا يتفطّن إليه إلا مثل مالك. قال الشيخ ابن عاشور: وجد الإمام محمَل الحديث غير بيّن، لأن المجلس لا ينضبط. وشأن التشريع في الحقوق أن يكون مضبوطاً، لتتمكن للمتعاملين المطالبة بالحقوق، ويتيسر للقضاة فصل القضاء. ويضيف بعد هذا: إن الحديث من غير ضبط يجعله مانعاً من الاستفادة منه، لكونه مجملاً لم يصحبه ما يبيّنه، ولا أمر معمول به، كما قال مالك.


(١) ٣١ كتاب البيوع، ٣٨ باب الخيار، ٧٩. طَ: ٢/ ٦٣١.
(٢) محمد الطاهر ابن عاشور. المقاصد: ٣/ ٤٣.
(٣) ابن العربي. القبس: ٢/ ٨٤٤ - ٨٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>