للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقام الوكيل على أبنائها وعيال بيتها على وجه الرخصة. فهي راعية المنزل وربة البيت.

وهنا شرع المؤلف في الحديث عن مسألة أصولية مقصدية اختلفت فيها أنظار الأئمة. فقال: إن هذا التصرّف من الرسول - صلى الله عليه وسلم - فتوى وتشريع يعم هنداً وغيرها من أزواج الأشحة. وهذا هو قول مالك. وذهب الشافعي إلى أنه من قبيل القضاء. وردّ الشيخ هذا الوجه بكون مأخذه ضعيفاً. وأكّد ما ذهب إليه إمامه بأن هنداً جاءت إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - مستفتية لا مدّعية، وأن إحضار زوجها كان ممكناً، فلا يكون الأمر من باب القضاء على الغائب.

وأنّه وإن اعتبر قضاءً فإن قضاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - من جهةٍ قضاءٌ بالنسبة إلى الخصمين، وهو تشريع لغيرهما ممن يساويهما في الوصف المؤثّر، سواء جاء في خصومة أم مستفتياً.

وختم الإمام تعليقه على حديث النفقة هذا ببيان طريق التوصل إلى الحق قائلاً: وليس لصاحب حق عند آخر مَنعَهُ منه، أَن يعمد إلى أخذ حقِّه بنفسه بغصب أو خلسة، اعتباراً للمقصد الشرعي من إقامة القضاة والحكام، ولأن مثل هذا التصرّف يؤول إلى التقاتل والتهارج. فلا تتجاوز الرخصة محل العذر، وهو عسر الرفع إلى القاضي، أو توقع ضرر من الخصومة هو أعظم من ضرر ترك الإنفاق (١).

* * *

[التاسع: من حديث طويل لأبي هريرة - رضي الله عنه -]

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم" (٢).


(١) النظر الفسيح: ٢٨٢ - ٢٨٣.
(٢) ٨٠ كتاب الدعوات، ٦٦ باب فضل ذكر الله عز وجل. خَ: ٧/ ١٦٨ - ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>