للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدل هذا على أن ذبائح أهل الكتاب حلال عند جماهير المسلمين، وإن لم يكن ذبحها على الطريقة الإسلامية (١).

ووَجَدَت هذه الفتوى معارضةً شديدة من بعض شيوخ العصر. وانقسم الناس حولها، وتحوّل الأمر من استفتاء يجيب عنه رجل مختصّ منتصب رسمياً لإرشاد الناس وبيان أحكام الدين لهم، إلى قضية خلاف ونزاع يبالغ في إنكار وجه الحكم فيها عليه خصومُه من المحافظين المتشدّدين يتّهمونه في دينه وعلمه، ومن السياسيين للنيل من سمعته والتحقير له، وهو زعيم الإصلاح بمصر، ورائد التحرّر الفكري، الداعي إلى الاجتهاد الذي يضطلع به بوصفه أكبر أعلام الأزهر الشريف، ومفتي الديار المصرية يومئذ.

وبتدخّل من ملك مصر الخديوي عباس، والتآمر بين رجال الحزب الوطني على المفتي، انقسم الناس واختلفت الصحف المصرية ووسائل الإعلام، بين مواجهة للمفتي، مندِّدة به، ومتحاملة عليه كالظاهر واللواء والمؤيد، وبين مناصرة ومؤيدة له، ومدافعة عنه كالأهرام والمقطم والمنار والوطن اليومية، أو التمدن والنيل والممتاز والرائد العثماني.

واشتهرت هذه الفتوى في ربوع العالَمين العربي والإسلامي، كما كانت سبباً في إثارة السياسيين والفقهاء عليه. فحمل هذا عدداً كبيراً من العلماء على إعادة النظر فيها، والتنبيه إلى أصولها ومراجعها التي اعتمد عليها الإمام.

وكان من بين أنصاره ومؤيديه في ذلك جماعة من علماء


(١) محمد رشيد رضا. تاريخ الأستاذ الإمام: ١/ ٦٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>