للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما رواه أيضاً في النوادر عن محمد بن المواز. قال مالك: من حج في البحر من أهل مصر وشبههم، يحرم إذا حاذى الجحفة. اهـ. وظاهره أن ذلك حكم إحرامه، ولا يجوز له تجاوز سمت المحاذاة غير محرم بالنيّة والتجرد من مخيط الثياب.

وفصّل سَنَد فقال: إن كان المسافر في البحر محاذياً للبر، مثل السفر في بحر القلزم، أحرم إذا حاذى ميقات أفقه، لأنه يمكنه النزول إلى البر ليحرم من ميقاته - أي بدون مشقة، لأن البر قريب - ويجوز تأخير الإحرام للمشقّة، لكن عليه هدي لأن التأخير رخصة، والرخصة تدفع الإثم في التجاوز ولا تسقط وجوب الهدي.

وأما من سافر في بحر لا يحاذي الشواطىء، مثل بحر الهند وبحر اليمن وبحر عيْذاب، فيجوز له تأخير الإحرام ولا هدي عليه، لأنه إذا جاز له التأخير انتفى وجوب الهدي، حتى يدل دليل على وجوب الهدي مع جواز التأخير، ولا دليل عليه. فلا يحرم حتى يصل إلى البر، إلا أن يخرج على البر أبعد من ميقات أفقه. اهـ. ووافقه القرافي في الذخيرة، وابن عرفة، والتادلي وابن فرحون في شرح ابن الحاجب وفي مناسكه. قال الحطاب: وشاهدت الوالد يفتي به غير مرة. اهـ.

وبعد ذكر المراجع المعتمدة التي أكدت رأي سند ووافقته تخلّص الإمام الأكبر إلى ذكر فتواه قائلاً: الحق أنه لا يحرم حتى ينزل إلى البر، لأن تكليف النزول في أثناء السير لأجل الإحرام مشقة، وتكليفهم الإحرام في السفينة مشقة أيضاً لطول مدة التجرد ولوازم الإحرام.

أما المسافر في الطائرة فهو لا يمر بالأرض أصلاً، ولا يتصور

<<  <  ج: ص:  >  >>