للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣ - كاد: فعل مقاربة]

قال تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} (١).

إمعاناً في تقرير القواعد النحوية والإعرابية والبيانية، وتوصلاً عن طريقها إلى كشف المراد من الآية، بدأ صاحب التحرير والتنوير بالكلام على جملة "فذبحوها" وإن سكت عن ذلك أكثر المفسرين. فنبّه إلى أنّها مبدوءة بحرف الفاء العاطفة، وأن المعطوف عليه هنا مقدّر لدلالة المقام عليه، وهو: فوجدوها أو فظفروا بها. وقد أثار التنبيهُ إلى ذلك قضيتين: الأولى معنى الفاء، والثانية ذكر نوع الإيجاز الذي اتسمت به الجملة.

أما الفاء فهي فاء الفصيحة عند الشيخ، كما يقول النحاة، لإقامة المعطوف بها في الموقع محلَّ المعطوف عليه، ولأن فاء الفصيحة هي التي أفصحت عن مقدر مطلقاً.

وأما الاختصار في الجملة الحاصل بإهمال ذكر المعطوف عليه فلغناء المعطوف عنه. فهو من قبيل إيجاز الحذف الاقتصاري.

ومن هذه الجملة ينتقل إلى الثانية التي تليها، وهي {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ}. فيقف عندها طويلًا للإشارة إلى جملة قضايا تتعلّق بها. ويتحدث عن استعمالات وتصاريف تعددت، واختلفت بحسب تعدّدها. فأفادت الآية جملة من الأغراض، مثل تعريضِها باليهود في سوء تلقّيهم الشريعة، تارةً بالإعراض والتفريط، وأخرى بكثرة التوقّف والإفراط، وتضمُّنِها تعليم المسلمين أصول التفقّه في الشريعة بالأخذ بالأوصاف المؤثرة في مقام التشريع دون الأوصاف الطردية، ونهي


(١) البقرة: ٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>