للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي دفعه إلى المفاخرة بكتابه والاعتزاز به، وحَمَله على الدعوة إليه والنظر فيه، والتأمل في مبانيه ومعانيه، والانتفاع بخير ما تضمّنه من أحكام وقوانين، ظلّت من القرن الخامس مستودع الأسرار وملفت الأنظار. فلا بدع إذا أقبل عليه الدارسون والحذاق من أئمة الفن يفسرون قضاياه، ويضبطون قواعده، ويجعلونه بإسهامهم في تفصيل أغراضه الأساسَ للإحاطة بأساليب البيان، والمسلك الفريد لإدراك صور التفنّن.

وقد جاء في بداية الكتاب ما يعنون به لمحاسنه ويدل على أهميته: "وقد وصلت بأخَرة إلى كلام مَن أصغَى إليه، وتدبّره تدبّر ذي دين وفتوة، دعاه إلى النظر في الكتاب الذي وضعناه، وبعثه على طلب ما دونّاه. والله تعالى الموفّق للصواب، والملهم لما يؤدّي إلى الرشاد".

فلا بدع بعد ذلك أن يبذل أهل اللغة والبيان كل طاقة لاكتشاف أسراره والاهتداء به، وأن لا يكتفوا في هذا الباب بما يجدونه من ذلك. فالإمام الأكبر اقتناعاً ببدائع سلكه، وعجائب نظمه، حمله حبُّ الإفادة لطلابه، والكشف لهم عن لمحاته وجميل صوره، على الانخراط فيمن عني به قديماً وحديثاً، وعلى إملاء تفاصيل من القول فيه في أسلوب علمي أدبي أخاذ، يجمع لهم بين الانتفاع والتمتّع بما تضمّنه وورد فيه مما لا يقدر عامة الناس على النفاذ إليه.

* * *

[٤ - التعليق على المطول بحاشية السيالكوتي]

سبقت الإشارة إلى تنويه الشيخ ابن عاشور بكتاب سراج الدين يوسف بن محمد بن علي الخوارزمي السكاكي مفتاح العلوم. وعلمنا أنه وضعه في علم العربية، وأوح القسم الثالث منه المقصود من مسائل البلاغة، دوّنها على طريقة علمية صالحة للتدريس والضبط.

<<  <  ج: ص:  >  >>