للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث أم زرع الوارد بكتب السنة. فإذا قصد الشاعر إلى إبراز ذلك وجّه الخطاب إلى ضمير الأنثى، أو حدّث عنها بطريق الغيبة. وهذا ليس من التجريد أو انتزاع ذات من ذات أخرى، ولا هو من قبيل توجيه الخطاب إلى غير معيّن، وهو كثير في القرآن.

ولكن في الغرض الذي نحن بصدده ينبغي أن يلحق بالأساليب المتّبعة في الاستعمال. ولا يحقّ أن يعدّ في مبحث وجوه تخريج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر من مباحث علم المعاني. والنقاد لم يبحثوا عن نظيره وهو خطاب المثنّى في نحو (قفا نبك)، كما قصدوا عدم التعرض لنظيره مع شهرته بين أهل الأدب. واستثنى في هذا المقام صوراً لا تدخل في غرضنا المحدود هذا، ممثلًا لها بكلام الأعشى ولبيد، وعبيد بن الأبرص وذهلول بن كعب العنبري.

الغرض الثاني: أن المرأة شديدة الإعجاب ببطولة الرجل لقصور قدرتها عما يستطيعه الرجال، ولأنّها ترى في بطولة الزوج والقرابة ما يُطَمئن بالها ويعيذها من كل شر. قال النابغة:

حذاراً على أن لا تنال مقادتي ... ولا نسوتي حتّى يَمُتن حرائرا

فإذا كان الرجل جباناً نفرت منه لتعيير النساء إياها به، وهذا كالذي يومىء إليه عمرو بن كلثوم في بيته:

يقتن جيادنا ويقُلن لستم ... بعولتَنا إذا لم تمنعونا

ومما يلحق بهذا قول عنترة:

إن تغدفي دوني القناع فإنّني ... طب بأخذ الفارس المتلثّم

وقول أنيف بن زبان الطائي:

فلما التقينا بيّن السيفُ بيننا ... لسائلة عنّي، خفيَّ سؤالها

<<  <  ج: ص:  >  >>