للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدأ أبو الفتح ابنُ جنّي يشرح الكلمات المغلَقة، ففسّر أولاً الإسآد بإغذاذ السير. ونبّه إلى أنه يقال لسير الليل خاصة، وشرح ثانياً النيي بالشحم، مثنياً بإعراب "مسئداً" بكونه منصوباً على الحال من ضمير تسئد. وهذه الحال مؤكدة لعاملها، وفاعله المرفوع الإنضاء، ومنتهياً بذلك إلى بيان معنى البيت بقوله: تقطع الفلاةُ شحمَها كما تقطعُ هي الفلاةَ.

ووصف أبو القاسم الأصفهاني هذا البيت بقوله: إن المتنبي عقَّد ألفاظه وعوَّصَها فأظلم معناه. ولبيان المراد منه أحال على بيت الطائي في قوله:

رعته الفيافي بعد ما كان حِقبةً ... رعاها، وماء الروض ينهلّ ساكبُه

ويقول: أخذ معناه أبو تمام بدوره من كتاب الأبيات لابن دريد من قول الأشْنَانْداني. وهو:

وذات مَاءَين قد غَيَّضتُ ماءَهما ... بحيث تُستمسَكُ الأرماقُ بالحُجَر

رَدَّت عَوَاريَّ غيطانِ الفلا ونَجَت ... بمثل إبّالةٍ من يابس العشَر

وفسر أبو بكر ابن السرّاج البيتين جامعاً بينهما مشيراً إلى أن قول المتنبي في عجز البيت الأول: صدري بها. يريد: أَصدري، حذف ألف الاستفهام، وبها أي في الليالي. وقال في البيت الثاني: تسئد أي تسير ليلاً يعني ناقتَه، ومسئداً حال منها. والإنضاء فاعل به، وإسآدها مصدر مشبَّه به أي تبيتُ الناقة تسئد، وينتقل أبو بكر من الإعراب إلى بيان معنى البيت بقوله: والكلل يسئِدُ الهزال في شحمها كإسآدها في المهمه وهو القفر.

والملاحظة الأولى: أن هذه الصفوة من العلماء واللغويين تستخدم الإعراب وترجع في تفسيرها إلى قوانين العربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>