للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فخر أدباء إشبيلية بل الأندلس أبو النصر الفتح بن محمد بن عبيد الله القيسي الإشبيلي صاحب القلائد والمطمح. ذكره الحجاري في المسهب. الدهرُ من رواة قلائده، وحملةِ فرائده. طلع من الأفق الإشبيلي شمساً طبّق الآفاقَ ضياؤها، وعمّ الشرق والغرب سناها وسناؤها. وكان في الأدب أرفعَ الأعلام، وحسنةَ الأيام. وله كتاب قلائد العقيان. ومن وقف عليه لا يحتاج في التنبيه على قدره إلى زيادة بيان. وهو وأبو الحسن بن بسام الشنتمري مؤلف الذخيرة فارسا هذا الأوان، وكلاهما قس وسحبان، والتفضيل بينهما عسير، إلا أن ابن بسام أكثر تقييداً، وعِلماً مفيداً، وإطناباً في الأخبار، وإمتاعاً للأسماع والأبصار. والفتح أقدر على البلاغة من غير تكلّف، وكلامه أكثر تعلّقاً وتعشّقاً بالأنفس. ولولا ما اتّسم به مما عرف من أجله بابن خاقان، لكان أحد كتاب الحضرة المرابطية، بل مجلِّيها المستولي على الرهان. وإنما أخل به ما ذكرناه (١).

وله إلى جانب القلائد والمطمح، راية المحاسن، ومجموع رسائل، وكنز الفوائد، وحديقة المآثر.

وقد حملَ الإمامَ الأكبر على العناية بـ قلائد العقيان ما فيه من رواء وتناغم وإبداع من جهة، وانصرافُ أهل البيان عنه، تاركين التجمّلَ به والنظر المرّة بعد المرّة فيه لِبطالة الشبان، ولَعاً من هؤلاء بما وصفه الفتح من مجالس الخمر والقيان، ومَا أنشده من غزل في الحسان.

ولعلّ من أوكد الأسباب للإقبال عليه والعنايةِ به ما وصفَهُ به الشيخ رحمه الله في قوله في مقدمة التحقيق: إنه جم الفوائد لغةً


(١) النفح: ٧/ ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>