للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإساءة أو الإحسان، حتى يتمّ فحص أشعارهم والتأمّل في مآخذها وإدراك مدى شأوهم فيها.

وقد ذكر في بداية حديثه الأسبابَ التي حملت المؤرخين والأدباء على التنويه بفنّ الشعر وبأصحابه قائلاً: "إن الله عز وجل قد أقامه للعرب مقام الكتب لغيرها من الأمم. فهو مستودع آدابها، ومستحفظ أنسابها، ونظام فخارها يوم النفار، وديوان حجاجها عند الخصام".

ولكثرة ما روي منه جيلًا بعد جيل، واختزنته ذاكرة الأيام زمناً إثر زمن، احتاج العلماء بالأدب، والبصراء بالشعر، إلى صقل مواهب الناشئة بما يختارونه لها من شعر رفيع ونظم بديع. وهذه العملية المزدوجة التي قادت الرواة والأدباء إلى وضع المنتخبات والاختيارات، حرصاً منهم على التكوين والتدريب لمنظوريهم من شداة الأدب، وعلى تقديم ما يروق لهم منه، عنايةً بهم وتلقيناً لما يَصْطَفُونه من الشعر، تهذيباً لأذواقهم وتوجيهاً لهم.

وقد عدّ مؤرخو الأدب من هذه المجاميع جملة ذكروا منها الأصمعيات، وجمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي، والمفضليات ومختارات شعراء العرب لابن الشجري، كما لفتوا النظر إلى ما شرعه أئمة الأدب ورواد الشعر من حماسات، اجتمع الناس عليها وأفادوا منها كحماسة أبي تمام، والبحتري، وما جمعه من ذلك الخالديان والعسكري والأعلم الشنتمري وأبو الحجاج يوسف البياسي الأندلسي وأبو الحسن بن أبي الفرج البصري. ولعلّ أشهر المجاميع المفضليات، وأجود الحماسات حماسة أبي تمام. وقد صرّح المرزوقي بذلك عند قوله: "وقضيت العجب كيف وقع الإجماع من

<<  <  ج: ص:  >  >>