للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من كتابيهما، وبيان مناهج الإصلاح التي يتحتّم الأخذ بها، وإلى وضع النصوص القطعية القدسية، والأمثلة التاريخية الحية ونحوها بين أيدي الجماهير والشعوب، للاهتداء بها، وبشدان مسالك النجاة عن طريقها، والخروج بالناس من الظلمات إلى النور ومن الوهم والتخيل إلى الحق واليقين.

وتأكيداً لحقيقة هذه الدعوة والبلوغ بها إلى تغيير ما بالمسلمين من أوضاع، وتطهير المجتمع ممّا غلب عليه من أهواء ونوازع، تردّى بسببها في مهامه فيح مظلمة، يلفت الشيخ محمد الخضر حسين أنظار قرائه وأسماعَهم قائلاً: "إني قد طرقت في هذه الرسائل نواحي هي في حاجة إلى أن تبحث بفكر لا يتعصّب لقديم، ولا يفتَتِن بجديد، يعتمد الرأي حيث يثبته الدليل، ويتقبل الحكم متى لاحت بجانبه حكمة، ويوثق بالرواية بعد أن يسلمها النقد إلى الصدق" (١).

ويشاكل هذا الاتجاه في الحديث عن المجتمع الإسلامي وإصلاحه قول الإمام الأكبر في المحاضرة التي ألقاها بنادي (جمعية قدماء الصادقية) بتونس عام ١٣٢٤، وبما وصلها به من مقالات في الغرض نفسه ضمنها كتابه أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: "وإذ لم يكن من خلقي أن أطرق مثل هذه المواضيع باللهجة المنبعثة عن التمنّي والتخيّل، بل اعتدت أن أرِدَها ورود الباحث عمّا يشهد له الواقع والأدلة الحقّة، كان كلامي متوخّياً طَريق التحقيق، ومتوقّعاً أن يُورِد عليه من يريد نقضه من عدو للدين أو صديق" (٢).

وبقدر ما نلمس في المقالة الأولى من دعوة رفيقة إلى الحق، لينة


(١) محمد الخضر حسين. رسائل الإصلاح: ٥.
(٢) ابن عاشور. أصول النظام الاجتماعي: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>