للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الكيّس من دان نفسه" (١)، ووردت آيات وأحاديث أخرى تدعو إلى الاتحاد ليصبح لهم عنواناً ومكرمة: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} (٢)، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - يحرِّض معاذَ بنَ جبل وأبا موسى الأشعري على الوفاء: "وتطاوعا ولا تختلفا" (٣).

[المواساة]

وكانت المواساة بعد، وهي كفايةُ حاجة محتاج الشيء مما به صلاح الحال، سمةً للمجتمع الإسلامي، وخلّةً من خِلاله. أكَّد الدينُ على اعتبارها أصلاً من أصول نظام الإسلام، وجرت بها توجيهات القرآن وأوامرُه، والسُّنة وحِكَمُهَا، وقامت عليها من شواهد التاريخ الإسلامي ما أعلى من مقامها ورفع من منزلتها. وهي في شرعة الإسلام جبرية واجبة، واختيارية مندوب إليها. وصورها كثيرة تنطق بها عدةُ تصرّفات مفروضة وإحسانية، كالزكاة، والصدقة، والإنفاق، والهبة، والإسلاف، والعارية، والعريّة، والإرفاق، والعمرى، والإسكان، والإخدام، والمنحة (٤).

وأكمل صور المواساة ما لم يُبتغَ فيه سوى وجه الله. قال تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} (٥)، ويقول الإمام الأكبر في التنويه بها واعتبارها مقصداً من مقاصد الشارع: ولتحقيق هذا المعنى من جعل المؤاساة خلقاً للمسلمين جاءت


(١) الحديث عن شداد بن أوس. ملا علي قاري. مرقاة المفاتيح: ٧/ ١٤١، ٥٢٨٩.
(٢) الأنفال: ٤٦.
(٣) البخاري. الجهاد: ١٦٤.
(٤) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: ١٣٨.
(٥) الإنسان: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>