للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحكمة التي هي منشأ علل كثيرة، وإنما يتعرّضون لها استطراداً في ذكر شروط العلة، إذ يعدّون من شروط القياس بالعلة اشتمال العلة على حكمة أو أن تكون ضابطاً لحكمة. فإذا تكلّموا في قياس النبيذ على الخمر في التحريم جعلوا العلّة فيه الإسكار، ولا يجعلونها فساد العقل ... وينبّه الإمام العلماء المتفهّمين للشريعة والمتفقّهين فيها، والمنفّذين لأحكامها والسائسين للأمة بها، بأن عليهم أن يسايروا (الفطرة) هذا الوصف الجامع، ويجعلوه رائدهم وعاصمهم في إجراء الأحكام، بمنزلة إبرة المغناطيس لربان السفينة" (١).

ثم ينهي مناقشته للأصوليين بتوجيههم وتوجيه غيرهم من العلماء إلى ما هو بسبيله في هذا الكتاب، فيعلن: "أن الباحث عن نظام الاجتماع الإسلامي يجدُ وصف الفطرة أجدى عليه من قواعد كثيرة. ولا جرم أن يكون أهل هذا الفن أحوج إلى قواعد أوسع من قواعد الأصوليين" (٢).

وأما تفصيله القول في هذا الوصف الجامع - وهو الفطرة - الذي حمل الباحثين في علمي الاجتماع والمقاصد على اعتماده فهو كما يصوره لنا: "كل فعل يحب العقلاء أن يتلبّس به الناس، وأن يتعاملوا به فهو من الفطرة، وكل فعل يكرهون أن يُقابَلوا به ويشمئزون من مشاهدته وانتشاره فهو انحراف عن الفطرة" (٣).


(١) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: ٢١.
(٢) المرجع السابق: ٢١.
(٣) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>