للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السماحة]

أما السماحة فهي سهولة المعاملة فيما اعتاد الناس فيه المشادّة (١). ويصور الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا المعنى في قوله: "رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى" (٢). وقد اعتبروا السماحة أكمل وصف لاطمئنان النفس، وأعونَ على قبول الهدي والإرشاد (٣). وجعلوها من أكبر صفات الإسلام لوقوعها طرفاً بين الإفراط والتفريط. ونَعَتوها بالتيسير المعتدل الذي شهد له قوله سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (٤). وهو ما يلفت الرسولُ - صلى الله عليه وسلم - النظرَ إليه بقوله: "أحبّ الدين إلى الله الحنيفية السمحة" (٥). ويؤكّد هذا المعنى ما ترجم به البخاري لأحد أبوابه في الصحيح من قوله: "باب الدين يسر" (٦)، وما ذكره غير مرّة الإمام مالك في موطئه عند تنويهه بهذا الوصف الكريم: "ودين الله يسر" وذلك بعد استخلاصه لهذه الحقيقة من استقراء الشريعة (٧).

وعقب الإمام الأكبر على هذه النصوص ببيان المزية الكبرى


(١) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: ٢٥.
(٢) حديث جابر: ٣٤ كتاب البيوع، ١٦ باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع. خَ: ٣/ ٩.
(٣) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: ٢٧.
(٤) البقرة: ١٨٥.
(٥) خَ: إيمان ٢٩؛ تَ: المناقب: ٣٢، ٦٤؛ حَم: ١/ ٢٣٦.
(٦) رواه ابن أبي شيبة والبخاري في الأب المفرد، وأخرجه في الصحيح تعليقاً في كتاب الإيمان، ٢٩ باب الدين يسر. خَ: ١/ ١٥.
(٧) من ذلك ما أخرجه من حديث عائشة في ٤٧ كتاب حُسن الخُلق، ١ باب ما جاء في حُسن الخلق. طَ: ٢/ ٩٠٢ - ٩٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>