للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه، ولئلا يتواهن الداخل في الإسلام بأن يدخله تجربة، فإن وافق أهواء أعماله استمر فيه وإلا انعزل عنه، ولئلا يوهم ضعاف العقول بانخزاله أنه جرّب الدين فوجده غير مرضي، ولئلا يكون الدخول في الدين من ذرائع التجسس على الأمة (١).

وإقامة حكومة إسلامية للمسلمين أصل من أصول التشريع. وهو ما ثبت بالكتاب والسُّنة. ولذا كان عليها الاهتمام بالإصلاح العام في السياسة. وهذا الذي يقتضي من جهة مبادرة الدولة إلى إجراء المصالح المأمور بها لجلب ما يستطاع من النفع، ودفع ما يتوقّع من الضرر بجميع الأمة جماعة وأفراداً (٢).

ومن جهة ثانية الحفاظ على الأمة بصون نظامها ودعم سلطانها وجعلها مرهوبة الجانب محترمة منظوراً إليها في أعين الأمم الأخرى نظرة المهابة والوقار. قال تعالى: {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ} (٣). وهذا القصد لا يتحقق إلا بالدفاع عن الحوزة، وهي حدود البلاد ونواحيها، وحماية البيضة وحفظ الأمة الإسلامية من اعتداء عدوها عليها، وحفظ الإسلام من أن ينتزع عدوّه منها قطعة، أو يتسرّب إليها (٤). ويلخص هذه المعاني والمقاصد المختلفة قوله عز وجل {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ} (٥).

فأصول النظام الاجتماعي للإسلام أتت متساوقة مع كل الفنون


(١) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: ١٧١ - ١٧٢.
(٢) المرجع السابق: ٢٣١.
(٣) الحشر: ١٣.
(٤) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: ٢١٥ - ٢١٦.
(٥) الأنفال: ٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>