للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثر استقراؤه واطلاعه على أقضية الصحابة ومناظراتِهم وفتاواهم وموارد النصوص الشرعيّة ومصادرها حصل له القطع بقواعد الأصول. ومتى قصر عن ذلك لا يحصل له إلا الظنّ. وهذا الجواب باطل، لأنّنا بصدد الحكم على مسائل علم أصول الفقه لا على ما يحصل لبعض علماء الشريعة (١).

وأضاف صاحب المقاصد إلى النزاع في هذه القضية الخلافية بيانَ سبب اختلاف الأصوليين. فجعله الحيرة بين ما ألِفوه من أدلة الأحكام، وبين ما راموا أن يصلوا إليه من جعل أصول الفقه قطعيّة كأصول الدين (٢).

والحقيقة التي نريد الانتهاء إلى تقريرها هي أن الأدلّة من علم أصول الفقه أمرُها معروف ومشهور عند طلاب العلم. فمجموع علماء الشريعة قائلون بحجية النصوص من القرآن والسُّنة لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "تركت فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي أبداً كتابَ الله وسُنَة نبيه" (٣). ونصوص القرآن متواترة الرواية ظنيّة الدلالة، وكذلك نصوص السُّنة التي وإن كان أكثرها من خبر الآحاد. فقد جاء فيها عن الإمام أحمد قوله: لا يقدَّم عليها (على نصوص رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) توهُّم إجماعٍ، مَضمونُه عدمُ العلم بالمخالف (٤). فلا اجتهاد مع النصّ، ولا رأيَ لأحد بجانب كتاب الله وسُنة رسوله. والحجة في الكتاب والسُّنة، وعلى الأئمة ترك أقوالهم لها.


(١) المقاصد: ٢٠.
(٢) المقاصد: ٢٢.
(٣) ورد الحديث بصيغ متقاربة. طَ: ٢/ ٨٩٩؛ جَهَ: ١/ ٨٤، ١٠٢٥؛ حَم: ٣/ ٢٦.
(٤) ابن القيم. إعلام الموقعين: ١/ ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>