للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتحاد دفاعي يَحمل عليه اعتقاد الأفغاني من زمن مبكّر أن جميع الشعوب النصرانية مجمعة ومتّفقة على عداء الإسلام، تأثراً منها بالروح الصليبية. وروح العداء هذه متمثّلة في جهد جميع هذه الشعوب جهداً خفياً مستتراً متوالياً من أجل سحق الإسلام سحقاً.

وهو بعد أن يمضي في تفصيل تلك العداوة ومستلحقاتها، وما يترتب عليها، يقول مصوراً المنهج والسبيل لتحويل المجتمعات الإسلامية عما انتابها وحلّ بها: "وفي جميع هذا يوضح أن العالم الإسلامي يجب عليه أن يتّحد اتحاداً دفاعياً عاماً مستمسك الأطراف وثيق العرى، ليستطيع الذود عن كيانه، ووقاية نفسه من الفناء المهدِّد. وللوصول إلى هذه الغاية الكبرى يجب عليه اكتناه أسباب تقدم الغرب والوقوف على تفوّقه وقدرته" (١).

وهكذا أعلن جمال الدين عن سياسته الثورية ضدَّ كل أسباب التخلّف، وضدَّ القوات الاستعمارية المغتصبة التي أصبحت الآمرة الناهية والمتصرّفة، بل المستبدّة بكل شؤون البلاد الإسلامية: تحكمُها بهواها، وتسيّرها وفق مصالحها وغاياتها. وما انتشرت آراؤه وكلماته هذه حتى تحوّلت دستوراً يخضع له كل أنصاره ومريديه. وترتبت عليه اتجاهات ثلاثة في العمل الوطني المصري:

• الاتجاه الثوري الذي يمثله الضباط المصريون الواقعون تحت سيطرة الضباط الشراكسة، ويتزعّمه أحمد عرابي، وعبد العال حلمي، وعلي فهمي، ومحمد عبيد وأمثالهم.

• الاتجاه الثوري الذي يؤمن بالشعب وقواه وطبقاته الكادحة،


(١) شكيب أرسلان. حاضر العالم الإسلامي: ١/ ٣٠٦ - ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>