للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبخلاف ذلك نجد أحكام المعاملات معلّلة، يدل على هذا الاستقراء، وإثبات العلل والمصالح اعتباراً وإلغاءً.

وقد لا يكون بعضها معلّلاً. يشهد لهذا ما رواه البخاري عن أبي الزناد أنه قال: "إن السنن ووجوهَ الحقّ لتأتي كثيراً على خلاف الرأي فما يجد المسلمون بُدّاً من اتباعها. من ذلك أن الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة". وفي الموطأ أن عمر بن الخطاب قال: "عجباً للعمة تُورَثُ ولا ترث" (١).

وقد يظهر التعليل في بعض مسائل العبادات. كما يظهر التعبّد في بعض المعاملات. وهذا مبني على توسع النظر فيهما. قال الجويني:

"ومما لا يلوح فيه للمستنبِط معنى أصلاً ولا مقتضى من ضرورة أو حاجة أو استحثاث على مكرمة يكون تصويره فيها، فإنه إن امتنع عن استنباط معنى جزئي فلا يمتنع تخيّله كلياً. ومثل هذا القسم العبادات البدنية المحضة" (٢).

وذهب المقَّرِي في قواعده إلى عكس ما ذكره إمام الحرمين المبالغِ فيما ذهب إليه. فاستنباط علل الأحكام وضبط أماراتها لا ينبغي فيما كان سبيله التنقير عن الحكم لا سيما فيما ظاهره التعبّد، إذ لا يؤمن ما فيه من ارتكاب الخطر والوقوع في الخطأ. وحسب الفقيه من ذلك ما كان منصوصاً، وظاهراً أو قريباً من الظهور (٣).

أما صاحب المقاصد فكان يجنح إلى التعليل كما تسنّى له ذلك.


(١) المقاصد: ١٥٠ تع ٢.
(٢) البرهان: ٢/ ٩٢٦، ف ٩٠٥.
(٣) المقري. القواعد: ٢/ ٤٠٦ - ٤٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>