للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاضر منازعة شديدة تحمل بعض الدارسين على الحفاظ على رأي ابن حزم، وعلى تحليل تصوراته المبنية على نظريته الفقهية المتميزة. فقد كان ابن حزم كما قدّمنا يرى أن كثيراً من الأمثلة الفقهية التي انبنت طرقها الاستدلالية على التعليل تُردّ إلى النصوص. فهذه بمقتضى كمالها شاملة لكل الحوادث التي تأتي في كل العصور. أما طريق إفادتها للحكم فلا يمكن أن يخرج عن أصول الأحكام التي تُرَدّ عند ابن حزم إما لنص وإما لإجماع، وإما إلى دليل مولد منها ومفهوم من دلالتيهما. ويفسّر هذا أن الحكم يؤخذ لا بحمل يكون أساسه التعليل القياسي باستخراج علّة من النصّ كما تقدمت الإشارة إلى ذلك، بل بفهم النص في ذاته فهماً لا يحيد عن المعاني الواردة فيه. وبهذا يختلف المنهجان: منهج الجمهور ومنهج الظاهوية. وذلك بكون الأول يعتمد الحمل الظنّي الذي يؤسس على القياس الأصولي، وبكون الثاني ينطلق من عمليتي الفهم والتمييز للنصوص لا من القياس (١).

ولا يخفى ما في الطريق الثاني من صعوبة شهد بها علماء الأصول والفقه، وما توقف فيه المجتهدون لكونه إذا اعتمد وحده لا يفي بالغرض في كثير من القضايا المستجدة.

[مجالات الإثبات والإنكار للقياس]

وعلى أساس ما قدمنا يتضح أن من الأصوليين والفقهاء معتضدين بالقياس، معتمدين عليه وهم المثبتون، ومنهم معطّلون له، راغبون عن العمل به، وهم المنكرون.


(١) إسماعيل الحسني. نظرية المقاصد: ٣١٢ - ٣١٤. تقدمت الإشارة إلى جواز العمل بالطريقتين عند ابن القيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>