للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس المراد من حق الله هنا التوحيد والعبادة، فهذان داخلان في العقائد والعبادات، وإنما المقصود من حقوق الله هو حقوق الأمة التي فيها تحصيل النفع العام أو الغالب، أو حق من يعجز عن حماية حقّه. فهذه الحقوق التي تحفظ المقاصد العامة للشريعة، وتحفظ المقاصد الخاصة بحماية تصرفات الناس في اكتساب مصالحهم الخاصة، وحفظ حقّ كل من يظنّ به الضعف عن حماية حقّه؛ أوصى الشارع بها عباده، وحملهم على مراعاتها. ولم يجز لأي أحدٍ منهم إسقاطها.

والمراد من حق العبد التصرّفات التي يجلب بها المرء لنفسه ما يلائمها أو يدفع بها عنها ما ينافرها. وحقوق العباد هي الغالب. والمشترك من الحقين يغلب فيه حق الله، وربما غلب حق العبد إذا لم يمكن تدارك حق الله (١).

[الفطرة]

ربط الإمام مقاصد الشريعة بالفطرة. فهي الوصف الأعظم للشريعة الإسلامية. قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ} (٢). فأعرب الآية، وذكر تآويل المفسرين لكلمة الفطرة، ناقلاً عن الزمخشري وابن عطية أنها جملة الدين بعقائده وشرائعه.

وهي عنده: الخِلقة بمعنى النظام الذي أوجده الله في كل مخلوق. ففطرة الإنسان ما فُطر عليه، أي ما خُلق عليه ظاهراً وباطناً، جسداً وعقلاً.


(١) المقاصد: ٤٠٤. انظر بعد: ٣٧٠.
(٢) سورة الروم، الآية: ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>