للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتتنوع الفطرة، فمنها العقلية ومنها النفسية. فالفطرة العقلية، وُصف الإسلام بها، لأنها تشمل العقائد والتشريعات؛ فهي تُدرَك بالعقل، وتجري على وفق ما يشهد به العقل من المُدرَكات.

ولزيادة بيان هذا الوصف أورد الإمام كلام ابن سينا في الفطرة. وهو كلام طويل جاء منه في كتاب النجاة، أن من الفطرة فطرةَ الذهن، ووصفها بأنها تكون كاذبة. والفطرةُ الصادقة لديه هي مقدمات وآراء مشهورة محمودة أوجب التصديق بها إمّا شهادةُ الكل، وإمّا شهادةُ الأكثر، وإمّا شهادةُ العلماء والأفاضل منهم. وأخرج بهذا الذائعات. وجعل أقدر الناس على تمييزها عمّا يلتبس بها من المدركات والوجدانيات، العلماءَ والحكماءَ وأهلَ العقول الراجحة.

وزاد الشيخ: الفطرة النفسية. وهي الحالة التي خلق الله عليها عقل النوع الإنساني سالماً من الاختلاط بالرعونات والعادات الفاسدة (١)، وجعلها - بعد استبعاده الأوهام والتخيّلات، منشأ أو مصدر الأصول التي جاء بها الإسلام من الفطرة، وأتبعها بفروع هي الفضائل الذاتية المقبولة التي دعا إليها الإسلام وحرّض عليها. وعدّ من ذلك: الزواج، والإرضاع، والتعاوض، وآداب المعاشرة، وحفظ الأنفس والأنساب، والحضارة الحق، والمخترعات.

وختم المؤلف حديثه عن الفطرة بالتنبيه:

أولاً: إلى أن مقتضيات الفطرة، إذا لم يمكن الجمع بينها في العمل، فإنه يصار إلى ترجيح أولاها وأبقاها على استقامة الفطرة.

وثانياً: إلى أن القضاء بالعوائد يرجع إلى معنى الفطرة (٢).


(١) المقاصد: ١٧٩ - ١٨٣.
(٢) المقاصد: ١٨٥ - ١٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>