للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممّا فرّقوا به بين المقاصد الأصلية والتابعة جملة من الاعتبارات منها:

(١) أن الأولى يقتضيها محض العبودية، والثانية يقتضيها لطف المالك بالعبيد.

والضروريات ضربان: ما يؤكدّ الطلب فيه لمخالفته حظّ النفس كالعبادة، والنظر في مصالح الغير.

والضرب الثاني لا يؤَكَّد الطلب فيه لما للمكلّف فيه من حظ عاجل مقصود كقيام الإنسان بمصالح نفسه وعياله في الاقتيات واتخاذ السكن والمسكن واللباس وما يلحق بها من المتمّمات كالبيوع والإجارات والأنكحة وغيرها من وجوه الاكتساب التي تقوم بها الهياكل الإنسانية (١).

(٢) والمقاصد الأصلية إذا رُوعيت كانت أقرب إلى إخلاص المكلّف في عمله، وتجعل من العمل عبادة، تبعده عن مشاركة الحظوظ فلا تدعها تغيِّرُ وجه محضِ العبودية، بخلاف مراعاة المقاصد التابعة؛ فإن المكلّف، وإن كان عمله فيها موافقاً لقصد الشارع لم يخالفه، إلا أنه لم يراعِ ذلك في عمله حتى يكون خارجاً عن داعية هواه. ومقتضى هذا أنه لم يفعل ما فعله التفاتاً لمقتضى خطاب الشارع بل لمجرد حاجته، وداعية شهوته، بقطع النظر عن الخطاب.

(٣) المقاصد الأصلية تكون راجعة إما إلى مجرد الأمر والنهي من غير نظر في شيء سوى ذلك، وإما إلى ما يفهم من الأمر من أنه


(١) الموافقات: (٥) ٢/ ١٣٧ - ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>