للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإلهي إخلاصُ الدين لله، وتصرّفُ آدم بسن النظام لأهله وأهاليهم على حسب وفرة عددهم واتساع تصرّفاتهم .. ولِما للخليفة من شأن في حفظ الجماعة، والذبّ عنها، وتنظيم حياتها، أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على إقامة الخليفة، وحفظ نظام الأمة، وتنفيذ الشريعة. ولم ينازع في ذلك أحد من الخاصة ولا من العامة إلا الذين ارتدّوا على أدبارهم من بعد ما تبيّن لهم الهدى من جفاة الأعراب ودعاة الفتنة. وللخليفة شروطٌ محلُّ بيانها كتب السياسة الشرعية (١).

وبمثل هذا التفصيل والوضوح فسّر الإمام الخلافة بالاستمداد من قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} (٢) فجعل للخلافة أصولاً تنتظم بها أمور الأمة. وقد وردت هذه الأصول في آيات مباركة كثيرة:

منها: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ} (٣).

ومنها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} (٤).

وفي هذين أساسان عظيمان هما العدل والحق.

ويقول سبحانه مقابل هذا في سياق الذم: {وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ} (٥).


(١) التحرير والتنوير: ١/ ٣٩٩ - ٤٠٠
(٢) سورة النور، الآية: ٥٥.
(٣) سورة النحل، الآية: ٩٠.
(٤) سورة النساء، الآية: ٢٩.
(٥) سورة البقرة، الآية: ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>