للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقاصد متضمّنة للمصالح والمفاسد في أنفسها (١). والمصالح والمفاسد على ضربين "دنيوية وأخروية". والمصالح المجتلبة، والمفاسد المستدفعة شرعاً إنما تعتبر من حيث تقام الحياة الدنيا للأخرى (٢). ويظهر من هذا الحصر دلالة المصالح والمفاسد على خصوص الجلب والدرء.

وعند تأمل التركيب الإضافي "مقاصد الشريعة"، نتصوّر معناه على الجملة، وندرك أن القَصد يراد به المقصود لغة، فَهُما بمعنى. وفي الاصطلاح أطلقوه على المطلب والغرض والحكمة التشريعية، ومن ثم انصبّ القصد العام في استعمال الأصوليين على المصلحة، كما ذكر ذلك صاحب مقاصد الشريعة الإسلامية في قوله: إذا نحن استقرينا موارد الشريعة الإسلامية الدالة على مقاصدها من التشريع، استبان لنا من كليات دلائلها، ومن جزئياتها المستقراة أن المقصد العام من التشريع فيها هو حفظ نظام الأمة واستدامة صلاحه بصلاح المهيمن عليه وهو الإنسان (٣).

وحاول بعض المتأخرين التفريق بين المصطلحين: المقاصد والمصالح. وقال: إن المصلحة هي مادة المقاصد ومجال فعلها. وفسّر الجملة باعتبار أن المقصد هو المبدأُ النظري أو القاعدة العامة، وقال في المصلحة: إنها المقصدُ حين يتجسّد، أي حين يتحول إلى فعل له. والظاهر أننا في غناء عن التفرقة بين المقصد والمصلحة. وكان ذلك هو الأصل والأساس من وضع كتاب المقاصد. وهو اعتبار المصالح مناطاً لأحكام الشريعة. فهي المقصودة من تلك


(١) المقاصد: ٤٠٠.
(٢) الموافقات: (٣) ٢/ ٣٧.
(٣) المقاصد: ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>