للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه الآيات تحمل أولي النُّهَى على جعل الآخرة موضع اهتمامهم، واعتبارِ هذه الدار متْجراً لهم، كما تضبط المنهج السلوكي الذي دعاهم الرحمن إلى الالتزام به. والقاعدة في هذا أن المصالح المجتلبة والمفاسد المستدفعة إنما تعتبر من حيث تقامُ الحياة الدنيا، لا من حيث أهواء النفوس في جلب مصالحها أو درء مفاسدها العادية (١)، والمعتمد في هذا اتباع منهج الشرع. فهو - جل جلاله - العليم بالمصلحة من هذه الناحية، الموفّق بينها وبين ما أجراه في سُنة الوجود.

والقاعدة بهذه الصورة ليست تلك التي عرفها علماء الأصول بكونها الأمرَ الكلي المنطبق على جميع جزئياته عند تعرف أحكامها منه، بل هي هنا كما ذكرها التهانوي في اصطلاح العلماء، أوسع من ذلك. وعلى هذا جرى العز بن عبد السلام في قواعده (٢).

وإلى جانب هذا النوع من القواعد التي لا ينبغي أن تغيب عن المرء طوال حياته، أشير إلى قسم ثان منها مثاله:

° إن مجيء الشرع كان لهداية الناس إلى مصالح العباد، وإن دور الشريعة حفظُ مصالحها في الخلق (٣).

° إن الشريعة تحيط بجزئيات من المصالح لا يحيط بها العقل (٤).


(١) الموافقات: (٥) ٢/ ٢٩.
(٢) التهانوي. اصطلاح الفنون: ٥/ ١١٧٦.
(٣) الموافقات: (٣) ٢/ ٨، ٣٧، ٣/ ٥، ١٠٥.
(٤) القرافي. النفائس: ١/ ٤٠٢؛ الموافقات: (٣) ٢/ ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>