للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي وضع الإصر استعارة لإزالة التكاليف التي تشبه الآصار. ولم يفته تحديد القصد وبيانه حين تولى شرح كلمة "الإصر" مفرّقاً فيها بين تعريفي الزمخشري وابن العربي اللذين أطلقاها إطلاقاً حقيقياً على الثقل الحسي الذي يصعب معه التحرك. وعلى تفسيره بالثقل من غير قيد، إشارة للتكاليف الشاقة والحرج في الدين، كما هو وارد في بقية المعاجم. وفي هذا المقام لا يُخفي المؤلف إعماله القيد الذي أورده الزمخشري في تعريفه شاهداً ومنبّهاً على مدى تَحققِه.

وجعل وضع الإصر إثر عرضه لكلام صاحب الكشّاف والأساس عنه مع القيد المتقدم ذكره، استعارة تمثيلية، وبدون ذكر القيد استعارة مكْنية في الإصر، وتخييلية وتبعيّة في "الوضع".

ولا سبيل إلى إنكار أهمية القوانين الإعرابية والقواعد البيانية البلاغية في الاستعمال كما فصّل ذلك الأشموني عند حديثه عن اللفظ العربي والإعراب. فاستخدامُ القواعد والأحكام يفتح أمام الناظر آفاقاً لا يتطلّع إليها سواه، ممن ليس بقادر على التوصّل إلى المقصد بالسليقة.

ويذيل الشيخ ابن عاشور وصفَ الشريعة الإسلامية بالبعد من الحرج حين يقارن بين الإسلام والتشاريع السابقة كالتي جاءت بها التوراة. ويمثل لذلك بشيوع العقوبة بالقتل في عدد كبير من المعاصي التي من بينها العمل في السبت، وتحريم ما أحل الله لهم من الطيبات وتغليظهم التحريم في أمور هينة. ومن أشدّ صور الإصر والحرج عدم قبول التوبة عن المعاصي حكماً، وعدم الاستتابة للمجرمين. ولا يفرغ من الحديث عن هذا الوصف حتى يقرّ صحة استعمال الجمع لكلمة "إصر" وهو "آصار"، وإن انفرد ابن عامر بهذا في قراءته دون سائر أهل هذه الصناعة، مؤكداً أن المفرد والجمع في الأجناس سواء.

<<  <  ج: ص:  >  >>